العقل الباطن هو الجزء الأشمل و الأعم من الدماغ الذي يخزن المعلومات التي يتلقاها من العقل الواعي، ثم يعيدها إليه مرة اخرى إذا احتاجها. فالترسبات النفسية تنزل للعقل الباطن و تصل للذاكرة، و عندما يحدث تحفيز داخلي أو خارجي يحدث تحفيز للسلوك و للخبرات المكبوتة، ثم تخرج للخارج نحو العقل الواعي.
العقل الباطن مستيقظ دائما على طول 24 ساعة، يعمل ليلا و نهارا، سواء كنت صاحيا أو نائما، هو دائما على استعداد للتلقي و تخزين أي معلومات من الخارج دون أي فلترة للمعلومة فهو لا يفرق بين الصحيح أو الخاطئ، و لا بين السلبي أو الايجابي.
قوانين برمجة العقل الباطن |
قوة العقل الباطن في تحديد مسار حياة الانسان
يساعد العقل الباطن الانسان على الوصول إلى ما يريده و ما تترجمه مشاعره، مهما كان نوع رغبته أو نوع مشاعره. فهو يوصلك حيث توجهه أنت.
يمكنه أن يساعدك بقوة في تحقيق أهدافك و طموحاتك و مواجهة كل مشاكلك بشكل آلي، كما بإمكانه عرقلتك و منعك من الوصول إلى ما تريد دون أن تدرك ذلك، فتستمر في لوم نفسك و ارتكاب نفس الأخطاء و بالتالي زيادة الطين بلة، كل هذا على حسب ما برمجته عليه عبر مرور الزمن.
و يعمل العقل اللاواعي ( العقل اللاشعوري ) بشكل أكثر فاعلية في وضع التأمل، بشكل عام في وضع الهدوء و الاسترخاء, لانه يتصل بما يعرف بـ " العقل الكوني" أو كما أسميه باللاواعي اللامتناهي أو اللاواعي المنفتح، فهو غير محدود.
ما هي قوانين العقل الباطن
العقل الباطن له قواعد و قوانين محددة، من فهمها و أتقن التعامل معها و إستخدامها لصالحه فقد أتقن برمجة عقله الباطن.
يمكنك الاطلاع على المقال الذي يتحدث عن قواعد برمجة العقل الباطن. و في هذا المقال سنتحدث فقط عن مجموعة من القوانين المهمة. إذ تتلخص قوانين برمجة العقل الباطن فيما يلي:
قانون التفكير المتساوي
قانون التفكير المتساوي - العقل الباطن |
ينص هذا القانون على أن كل الافكار و المشاعر التي تدور بخلدنا تتسع و تنتشر من نفس النوع، و تجذب إليك أحداثا و مشاعرا من نفس النوع أيضا. فعندما تواصل التفكير في شيء ما و تخلق مشاعرا تغلف هذه الافكار، عقلك الباطن سيقوم بجذب كل ما هو بنفس ذبذبات هذه الأفكار و المشاعر. اقرأ هذا المقال حول الاهتزاز الفكري حيث أتوسع أكثر في شرح هذه الجزئية.
فمثلا إن أنت فكرت في كونك مرفوض و استشعرت مشاعر الرفض و شعرت بالحزن الشديد، عقلك الباطن لا يفهم أن هذا الأمر سلبي و يضرك، كل ما سيفعله هو أن يجذب إليك المزيد و المزيد من الأفكار و المشاعر من داخلك و من حولك من نفس النوع، فتصبح دوامة من الافكار و المشاعر المدمرة لك.
و العكس صحيح، مثلا إن أنت فكرت أنك إنسان مبدع تملك الكثير من الافكار الابداعية و القدرة على إنجاز المشاريع و كسب المال و النجاح فإن هذه الافكار ستتسع و ستتجلى لك سبلا لم تكن يوما تتوقعها لتحقيق هذه الافكار.
قانون التركيز
قانون التركيز - جوزيف ميرفي |
فحوى هذا القانون أن كل شيء تركز عليه بشدة أنت بذلك تجعله يستحوذ عليك و يتحكم فيك، فيلغي عقلك الباطن التفكير في أي شيء آخر، فيعمل له " بلوك" و يحجبه عنك و يمنعك من رؤيته، و لن ترى إلا ما ركزت كل انتباهك عليه.
تتذكر حين كنا صغارا؟كثيرا ما تطلب منا الوالدة إحضار شيء ما، لكن نحن نتثاقل و لا نريد النهوض لإحضاره، غير أننا في النهاية ننهض رغما عنا. حين نبدأ في التفتيش عن هذا الشي المطلوب منا إحضاره لا نجده مهما حاولنا، و نرجع للوالدة فارغي الأيدي و نحلف بالله أنه لا يوجد، لكن بمجرد ذهاب الأم تجده!
و ببساطة تجحظ أعيننا و لا نفهم من الأمر شيئا البته.
هل تساءلت يوما لماذا يحدث هذا؟!
لأننا ببساطة وقتها ألغيناه من عقلنا دون أن ندري، فقد ركزنا على فكرة الرفض لإحضاره، فحجبه عقلنا الباطن عنا فلا نراه!
كذلك الأمر بالنسبة للأفكار الإبداعية، دائما ما نقول لأنفسنا لما لا تخطر لي الافكار و المشاريع المالية و أفكار البزنس كما تخطر لفلان و فلان؟
يحدث هذا لأننا نركز على عوزنا و ضعفنا في توليد مثل هذه الافكار بدلا من التركيز على مدى قدرتنا على خلق الافكار و المشاريع.
قانون المراسلات
قانون المراسلات - قوة عقلك الباطن |
مثلا: إن أنت أرسلت حبا ستستقبل الحب، و إن أنت أرسلت حقدا و كراهية، أيضا تستقبل حقدا و كراهية، و هكذا دواليك.
لذلك كان لتقنيات و تأملات التنظيف من الأهمية بمكان، و أهم هذه التقنيات هو تأمل الهوبونوبونو أو ما يعرف بتأمل التصالح أو تأمل الغفران.
قانون الإنعكاس
قانون الانعكاس - قوة العقل الباطن |
ينص هذا القانون على أن العالم الخارجي هو انعكاس للعالم الداخلي، مثل المرآة تعكس كل ما يواجهها مهما كان شكله. فانطلاقا من داخلك الذي يتشكل من مجموع أفكار و قناعات و إعتقادات، تتشكل حياتك الخارجية المحيطة بك.
هذه الافكار و القناعات و الإعتقادات في العقل الباطن التي تكونت بفعل قانون التراكم الذي سنشرحه فيما يلي و التي صارت تعرفك أنت كشخصية متفردة باسلوبها و سلوكها، كل هذا ينعكس على حياتك فتختار المسار ذو الاحتمال الاقرب إليها.
فإن أنت رغبت بتغيير حياتك و المضي بها إلى مسارات أكثر تطورا و نجاحا، ابدأ بداخلك. إجلس مع نفسك و قم بوضع كل أفكارك و قناعاتك و معتقداتك أمامك وابدأ بفرزها واختيار الأنسب لك منها، أو أعد كتابة الجديد المناسب لك.
إبدأ الآن!
فهذا أحسن وقت للتنمية الذاتية و تطوير الذات و المهارات، فكل هذا يصب في مصب حب الذات و القدرة على التغيير.
غير ما بداخلك ليتغير خارجك، يتغير العالم حولك.
أنصحك بممارسة توكيدات الامتنان فهي جدا رائعة لتحقيق قانون الانعكاس.
قانون التوقع و الانجذاب
( قانون الجذب )
قانون الجذب |
فتصور أفكار و توقع حدوثها و تغليف هذه الافكار بمشاعر مكثفة، يصدر طاقة بترددات معينة تجذب طاقة مكافئة لها ( قانون الجذب).
الكثير من الناس تستحوذ عليهم هواجس من اللاشيء، وساوس لا معنى لها، و تصاحب كل هذا زوبعة من المشاعر المحقونة بالخوف، و الشك و التوجس، و فعلا يحدث ما كانوا يخشونه، لتسمع المقولة الشهيرة بعد ذلك:" أنا قلبي كان حسسني والله!" غير أن كل ما في الأمر أنك أنت من جذب هذا الشيء بتوقعك له لا غير.
فدائما حاول مخادعة عقلك الباطن بأن تتوقع ما هو خير لك و موافق لرغبتك و غلف هذا التوقع بمشاعر مكثفة، و صورة ذهنية واضحة عنه، بهذه الطريقة فقط ستفعّل قانون الجذب لصالحك.
ملاحظة: من ناحية أخرى يجب أن تكون توقعاتك معقولة فمثلا لاتتتوقع شيئا مثل: أتوقع أن أكسب مليون دولار وأنت نائم! .. لا يا عزيزي، لتكن توقعاتك معقولة و قابلة للتحقق!
هذه مجموعة قصصية عن قوة تأثير التوقع والايحاء الذاتي في برمجة عقلك الباطن و جذب ما تريد، و هي مجموعة قصصية أعدت صياغتها للاستفادة، و هي من كتاب قوة عقلك الباطن للكاتب الارلندي جوزيف مورفي.
قانون الاعتقاد
( أقوى أسرار برمجة العقل الباطن )
قانون الاعتقاد - قوانين برمجة العقل الباطن |
يقول المثل العربي" اعتقد في الحجر يشفك!"
و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى قوة تأثير الاعتقاد على الانسان نفسيا و جسديا.
أي شيء تعتقد به و بحقيقته بقوة تتحدد تصرفاتك و سلوكاتك بما يتماشى مع هذا الاعتقاد، مهما كان نوعه و مهما كان وجوده حقيقي من عدمه.
أبسط مثال على ذلك الأمراض و حقيقة التشافي الذاتي، الكثير من الناس لديهم إعتقادات وهمية عن أن لديهم أمراض معينة، أنهم متعبون، منهكون، المرض يقعدهم الفراش و يمنعهم من أن يكونو طبيعيين، و بمجرد ذهابهم للطبيب يصحّون و يرتاحون رغم أن وصفة الطبيب لم تحوي سوى بعض الفيتامينات الموجودة أصلا في الغذاء اليومي!
أيضا كمثال على مدى قوة الاعتقاد على العقل الباطن، الاختبارات السريرية للادوية، يتم اعطاء مجموعة من الناس أقراص وهمية دون علمهم و المجموعه الاخرى أقراص حقيقية من الدواء لاختبار مدى كفاءة هذا الدواء.
قانون السبب و النتيجة لبرمجة العقل الباطن
قانون السبب و النتيجة للعقل الباطن |
فمثلا حين تقوم بتكرار توكيدات ايجابية لبرمجة العقل الباطن و تقوم باستشعارها و الاحساس بها فعليا، ثم تأخذ كوب القهوة و تتابع التلفاز أو تغمس عينيك في هاتفك تراقب السوشل ميديا أو أي شيء لا فائدة منه، هنا لا تنتظر أي نتيجة لأنك ببساطة لم تقم بأي فعل لتحقيق هذه التوكيدات الايجابية.
على عكس ذلك، بعد برمجة عقلك الباطن باستخدام تقنية التوكيدات الايجابية، مثلا توكيدات الاستحقاق، و قرنت هذا بالفعل و التحرك فيما ترغب فيه، عقلك الباطن هنا سيدفعك بقوة أكبر للمضي في تحقيق ما تريد، و ستظهر النتائج لا محالة مهما طال الزمن.
مثال آخر، الاستشارات و الدورات التدريبية، ينفق الكثير من الناس لأخذ إستشارة ما أو من أجل التدريب و التطوير الذاتي، لكن القليل من ينتفع بها.
لماذا؟ لعدم وجود الفعل المرادف لها.
فعند أخذ الاستشارة، بهذه الاستشارة أنت تغير أفكارك، و بأفكارك تتغير معتقداتك، فتتغير سلوكياتك و أفعالك فتتغير النتائج المترتبة عن كل هذا التغيير و تتجلى مظاهرها في حياتك.
قانون التراكم
( أهم قانون برمجة للعقل الباطن )
قانون التراكم - العقل الباطن |
أي شيء يحدث في حياتنا و يتكرر، يتراكم و يخزن في ملفات ذهنية مصنفة من نفس نوع هذا الفعل، ثم تتأرشف عميقا هناك في العقل اللاواعي. و الفعل هنا يكون إما أفكارا أو مشاعرا أو تصرفات و سلوكات.
تنفتح هذه الملفات فيما بعد عندما يحصل تحفيز للعقل الباطن، سواء تحفيز داخلي أو خارجي، فتخرج إلى السطح في عدة أشكال كردات فعل إيجابية أو سلبية على حسب نوعية هذه الملفات و التحفيز الموافق.
هذا التراكم إما أن يكون سلبي، يثقل دماغ المرء بالترسبات النفسية السلبية فيرفع نسبة الاصابة بالامراض المختلفة، أهمها الزهايمر و الخرف المبكر. أو أن يكون إيجابي في مصلحتك فتطور مهاراتك و تكوّن خبرات في مختلف مجالات الحياة الشخصية و المهنية.
مثال على قانون التراكم: شخص اعتاد على حمل الهاتف في يده دائما و متابعة آخر أخبار المشاهر و التراند، ليلا نهارا، هذا الشخص يصبح مدمن سوشل ميديا، لا يستطيع أن تنقضي عليه ساعة دون أن يتصفح مختلف التطبيقات، مع الوقت يصبح إدمان، و هذا الادمان يؤدي مع الوقت الى فقدان التركيز، التشتت، الفشل في الحياة المهنية و الشخصية ..
و شخص آخر قرر تعلم برمجة التطبيقات مثلا، كل يوم يقوم بممارسة البرمجة لساعات الى أن يكتسب المهارة و تتخزن في العقل الباطن، و تصير البرمجة لديه تلقائية و سهلة تحت تحكم العقل اللاواعي، نفس الشيء لتعلم لغة جديدة أو حرفة، و هكذا..
فأيهما تختار؟