العقل الباطن، و يعرف أيضا بالعقل اللاواعي أو اللاشعوري، هو معضلة العصر في شتى المجالات، علم النفس، علم الدماغ و الأعصاب، علم الاجتماع و الفلسفة ..
الكل يحاول سبر غوره و كيفية عمله بالضبط و مدى قدرته في التحكم في تحديد كل سمات الانسان الشخصية و السلوكية و تحقيق التشافي الذاتي. العديد من الكتابات و الأبحاث لا تزال تتناول مدى أهمية معرفة قدرات العقل اللاواعي و قوته، و سبر أغواره، و بالتالي فرص التحكم به، السيطرة عليه و برمجته بحيث يصب في نفس مصب أهدافنا و رغباتنا.
على رأس هؤلاء الباحثين الدكتور جوزيف ميرفي والذي يعتبر المؤسس الأول لحركة الفكر الجديد و صاحب أهم كتب برمجة العقل الباطن. إذن من هو جوزيف مورفي؟
جوزيف ميرفي صاحب كتاب قوة عقلك الباطن
جوزيف ميرفي مؤلف كتاب قوة عقلك الباطن |
جوزيف ميرفي هو باحث و كاهن من أصل إرلندي، و لد سنة 1898 في مقاطعة كورك بضواحي إرلندا. أمضي طفولته في ايرلندا في محيط كاثوليكي صارم و كان يدرس ليصير كاهنا فقد كان والده شماسا، لكنه ببلوغه سن المراهقة بدأ يرسم منحى جديدا لحياته نتيجة الأفكار و التساؤلات الكثيرة و المتنوعة التي كانت تشغل باله حينها، غير أن الضاحية التي كان يقطنها في إرلندا كانت تحت السيطرة الدينية الكاثوليكية الصارمة و طرح أسئلة فكرية عميقة كان صعبا حينها، فهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مطلع القرن العشرين و تحصل فيما بعد على الجنسية الامريكية.
يعتبر المؤسس الأول لحركة قوة العقل الباطن، و التي تباناها من بعده العديد من الفلاسفة، علماء النفس و الاجتماع، و العديد من الكتاب من مختلف أنحاء العالم.
روج جوزيف ميرفي لحركة الفكر الجديد، التي تتحدث عن قوة الجذب و قوة العقل الباطن، كما ألف العديد من الكتب و التي تعتبر الآن من أمهات الكتب في هذا المجال التي تصب في نفس المصب الفكري لفكرة " المثل يجذب المثل" و التي توسعت فيما بعد و تم عولمتها لتصير تحت مسمى " قانون الجذب الكوني".
لاقت هذه النظرية رواجا كبيرا خاصة بعد اصدار الاسترالية " روندا بايرن" للفلم الوثائقي " السر" سنة 2006، لتتبعه فيما بعد بكتاب حمل نفس العنوان، ليحقق هذا الأخير إقبالا كبيرا من الناس و مبيعات عالية جدا وصلت الأربع ملايين نسخة في 2007 فقط، و تتجاوز العشرين نسخة فيما بعد بخمسين لغة حول العالم!
" المثل يحذب المثل" مضمون هذه الفكرة هي أن المرء يجذب إليه كل ما يفكر فيه، يركز فيه، و يسلط عليه اهتمامه، أي كل ما هو في نفس مستوى الاهتزاز الفكري. و أن حياة المرء إنما هي من صنعه، صنع أفكاره و معتقداته و مكبوتاته و مشاعره المرافقة لذلك، و كل ما هو مخزن هناك في العمق، في العقل الباطن، العقل اللاشعوري.
كان رواد الفكر الذي ابتكره جوزيف ميرفي قليلون في البداية، غير أن أعدادهم بدأت في التزايد و لاتزال تستمر في التزايد إلى يومنا هذا. توفي الباحث الإرلندي الأصل سنة 1981 لتكمل زوجته المسيرة الفكرية من بعده.
قدم جوزيف ميرفي أكثر من 30 كتابا ، معظمها يدور حول التطوير الذاتي للإنسان، واستكشافه لقدراته غير المتناهية و كذا تسخير قدرات العقل الباطن ( العقل اللاواعي) في الوصول الى أهدافه. و من أهم الكتب التي ألفها :
- تسخير قوة عقلك الباطن في حياتك العملية
- سحر الايمان (1954)
- لماذا حدث معي هذا؟ (1962)
- قوة عقلك الباطن (1963)
- قدراتك اللامتناهية لتصبح غنيا (1966)
- هذه الحقائق بإمكانها تغيير حياتك (1982 )
العقل الباطن و قوة تأثيره و تحكمه في حياة الإنسان
عقل الإنسان مثل جبل الجليد مقسوم لقسمين، الجزء الصغير الظاهر فوق سطح البحر و الجزء غير المرئي الأعمق تحت سطح البحر:العقل الواعي، السطحي الظاهر، هو المسؤول عن التفكير و التحليل و التفاعل مع العالم الخارجي، و هو مسؤول فقط على 10% من التفكير.
أما العقل الباطن فهو القشرة التي تكون تحت المخ، و هي مسؤولة عن 90% من العقل البشري، مسؤولة عن كل ما يتعلق بصورتك الذهنية حول نفسك و ما حولك، و عن عاداتك و معتقداتك و مكبوتاتك مهما كان قدمها.
العلاقة بين العقل الظاهر و العقل الباطن هي مثل علاقة الفلاح و الأرض، فما يزرعه يحصده. نفس الشيء بالنسبة للعقل البشري، ما يزرعه العقل الظاهر من أفكار و مشاعر و عادات بالعقل الباطن سيحصده بمجرد حدوث تحفيز له سواء كان تحفيزا داخليا عضويا أو تحفيزا خارجيا.
تعد برمجة العقل الباطن و السيطرة على قدراته هي الشغل الشاغل للعديد من الباحثين و المدربين حول العالم حاليا، و كذا المهتمين بإتقان تقنيات و طرق البرمجة اللاواعية من أجل التطوير الذاتي للحياة و المهارات المختلفة، فهناك العديد من الطرق و التقنيات بإمكان المرء تعلمها لبرمجة عقله الباطن و تسخيرالعقل الباطن لتحقيق أهدافه. من بين هذه أهم هذه التقنيات هي تقنية التوكيدات الايجابية المناسبة و المختارة بعناية لبرمجة العقل الباطن.
أهم كتب جوزيف ميرفي في العقل الباطن
كتاب قوة عقلك الباطن جوزيف ميرفي |
يعتبر كتاب " قوة عقلك الباطن" الذي ألف سنة 1963 أهم كتب الباحث جوزيف ميرفي، حيث يشرح في كتابه كيفية و مدى أهمية استخدام الانسان لعقله الباطن لتحقيق رغباته و أهدافه، مهما كان نوعها.
فهو يقول أنه إذا اقتنع عقلك الباطن بفكرة ما و ترسخت هذه الفكرة بداخله فهو سيعطيك القوة اللازمة للمضي قدما في تحقيق هذه الفكرة مهما كان نوعها، و التي تحولت إلى اعتقاد بمجرد تكرار ترسيخها في العمق في العقل اللاواعي.
فالعقل الباطن لا يفرق بين الصحيح و الخاطئ كما لا يفرق بين الايجاب و النفي. ما تقوم ببرمجته عليه يتبناه و يسيروفقه و بالتالي يعطيك القوة الدافعة نحو تحقيق أهدافك و رغباتك إن كانت أفكارك تخدم وصولك لهذه الأهداف و الرغبات.
للعقل الباطن اللاشعوري قوانين برمجة العقل الباطن تحكمه، كما لديه قواعد برمجة العقل الباطن و هي محددة لتحقيق البرمجة الفعالة له. فلكي تسخر عقلك الباطن على العمل لصالحك كل ما عليك فعله هو أن تدربه من خلال التكرار للافكار الايجابية الواعية . فعندما تبدأ بتعلم مهارة معينة مثلا، سيتطلب ذلك تركيزا مكثفا من عقلك الواعي في بداية الأمر، لكن مع الوقت و بالممارسة يبدأ عقلك اللاواعي بالسيطرة على هذه المهارة و تصبح ممارستها طبيعية و تلقائية، فلا تتطلب أي تركيز من عقلك الواعي. و تعتبر جلسات التأمل من أحسن الجلسات للقيام ببرمجة عقلك الباطن واستعمال التوكيدات الايجابية. اقرأ أيضا عن توكيدات الاستحقاق فهي جدا مفيدة!
تتلخص أهم الأفكار الواردة في كتاب قوة عقلك الباطن فيما يلي:- يمتلك عقلك الباطن قوة خارقة، إذا تمكنت من التحكم فيها فسوف يمكنك أن تغير حياتك للأفضل.
- السر العظيم الذي يملكه الأشخاص العظماء هو قدرتهم على الاتصال و إطلاق العنان لقوى العقل الباطن، و أنت تستطيع فعل ذلك أيضا!
- الحياة لا تعاقب الإنسان أبدا، و لكن الإنسان يعاقب نفسه بمفاهيمه الزائفة عن الحياة و عن الكون، و هو الذي يخلق بؤسه.
- استبدال المخاوف بأفكار إيجابية يساعدك في التغلب على العقبات و البقاء شابا مدى الحياة.
- الأفكار السلبية تعيقك عن تحقيق ما تصبو إليه، و تمنع عنك راحة البال.